آخر الأخبار

رابطة “جيش-أمة”.. تحصين لسيادة الجزائر في زمن التحوّلات الجيوسياسية والرهانات الاستراتيجية

مهدي الباز

الجزائر المُنتصرة تحتفي اليوم” باليوم الوطني للجيش الوطني الشعبي”، في ظل التحولات الجيوسياسية والرهانات الاستراتيجية الكبرى.

وهذه المرّة، تستحضر الجزائر الدور المحوري الذي اضطلع به الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، في الحفاظ على السيادة الوطنية، وصون الأمانة، والدفاع عن مقوّمات الأمة الجزائرية.

لقد أصبحت اليوم “رابطة جيش-أمة” صمّام أمان حقيقي في خضم التحوّلات الجيوسياسية المتسارعة، من خلال تعزيز الهوية الوطنية، وتحقيق الأمن والاستقرار في كنف السيادة الوطنية، والحرية، والاستقلال.

ويصادف هذا اليوم ذكرى تحوّل جيش التحرير الوطني إلى الجيش الوطني الشعبي في 4 أوت 1962، وهو لا يحمل طابعًا احتفاليًا فحسب، بل يندرج ضمن سياق سياسي–استراتيجي أعمق، يعيد التأكيد على مفهوم “رابطة جيش–أمة” بوصفها صمّام الأمان، ومنبع الاستقرار والازدهار، وركنًا من أركان الجزائر المنتصرة.

المؤسسة العسكرية و عقيدتها الدفاعية

حرصت المؤسسة العسكرية الجزائرية، منذ تأسيسها، على بناء جيش قوي ومتين، نابع من الشعب، كما عملت منذ الاستقلال على تبني عقيدة عسكرية دفاعية ترتكز على حماية السيادة الوطنية والدفاع عن الأمة الجزائرية.

فـ”سلاح الجيش الوطني الشعبي موجّه حصريًا للدفاع عن الجزائر وحماية سيادتها الوطنية”، وهو بذلك يتجاوز المفهوم الكلاسيكي للقوات المسلحة، ليكون جيشًا وطنيًا–شعبيًا، أساسه الشعب، ومهامه الدفاع عن الشعب والوطن.

وفي هذا السياق، تبرز “رابطة جيش–أمة” كعنصر أساسي في معادلة الأمن القومي الجزائري، وهي رابطة لا تُبنى على الشعارات، بل تتجسّد ميدانيًا في تلاحم الشعب مع جيشه، كما ظهر جليًّا خلال الاستعراض العسكري الضخم الذي شهدته الجزائر العاصمة في الذكرى السبعين لثورة نوفمبر، بحضور شعبي لافت أعاد إلى الأذهان صور الوحدة الوطنية في أقوى تجلياتها.

عصرنة الجيش… من الذاكرة التحريرية إلى الجاهزية المستقبلية

فرضت التحولات الإقليمية والدولية، والتعقيدات الأمنية في جوار الجزائر، على المؤسسة العسكرية انتهاج مسار ثابت نحو التحديث والعصرنة.

وقد استطاعت، في السنوات الأخيرة، أن تحقق نقلة نوعية تمثّلت في تطوير منظومتها التكوينية، وتجديث تجهيزاتها، وتعزيز قدراتها العملياتية، بما يتماشى مع التحديات المعاصرة والرهانات الاستراتيجية.

وأكّد الفريق أول السعيد شنقريحة،الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أن المؤسسة العسكرية “قطعت أشواطًا كبرى في تحديث مكوّناتها”، وهو ما تؤكده التمارين التكتيكية والبيانية النوعية التي نُظمت في مختلف النواحي، وأظهرت احترافية عالية وانضباطًا صارمًا، إلى جانب النجاحات المستمرة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مما يعكس نجاعة السياسة الدفاعية الجزائرية في تكيفها مع متغيرات البيئة الإقليمية الراهنة.

التوجّهات الجديدة للسياسة الدفاعية

في قراءة تحليلية للمشهد الوطني، لا يمكن إغفال البُعد الاقتصادي في وظيفة الجيش الوطني الشعبي، الذي أصبح أكثر حضورًا في معادلة التنمية الشاملة.

فالمؤسسة العسكرية، التي لطالما أدّت أدوارًا محورية في حالات الطوارئ ومواجهة الكوارث الطبيعية، باتت اليوم فاعلًا اقتصاديًا ضمن رؤية الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة في القطاعات الحيوية والمرتبطة بالأمن بمفهومه الشامل.

ويعكس هذا التوجّه أحد أبرز المتغيرات في السياسة الدفاعية، المبنية على وعي استراتيجي يقوم على الاستغلال الأمثل للقدرات الدفاعية في خلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، في انسجام تام مع المشروع النهضوي الذي تقوده الدولة الجزائرية تحت إشراف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.

الجزائر منتصرة بجيشها

تحتفل الجزائر اليوم بجيشها كمؤسسة دستورية، لها مهام نبيلة في الدفاع عن السيادة الوطنية، وصون الحرمة الترابية، والدفاع عن الأمة الجزائرية.

إنها مؤسسة تستمد شرعيتها وقوتها من الشعب، ومن توجيهات القيادة السياسية، ممثلة في رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، والقائد الأعلى للقوات المسلحة.

وفي زمن تتزايد فيه التحديات الأمنية، وتتداخل فيه المصالح الجيوسياسية، يظل الجيش الوطني الشعبي ضمانة للسيادة، وركيزة للاستقرار، وشريكًا فعليًا في تعزيز مسيرة الجزائر المنتصرة.

إن “رابطة جيش–أمة” مشروع وطني مستمر، يحقق الاستقرار، ويضمن الأمن والرفاه، في ظل استهداف ممنهج لهذه الرابطة التي تمثّل الركن الأساسي في تحقيق الازدهار.

مهدي الباز

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى