آخر الأخبار

ترامب يشعل حرب الرسوم مجددًا: خلاف الإعلان الكندي يكشف عمق التوتر بين واشنطن وأوتاوا

شرف الدين عبد النور

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء تواجده في جولة آسيوية أنه سيزيد الرسوم الجمركية على الواردات الكندية بنسبة 10% إضافية، مبررًا ذلك برد فعل على إعلان ترويجي بثته حكومة مقاطعة أونتاريو استخدم مقتطفات من خطاب للرئيس الأسبق رونالد ريغان ينتقد فيه الرسوم الجمركية.

ووصف ترامب الإعلان بأنه «خداع»، ونقد بشدة عدم سحبه قبل بثه خلال مباريات نهائي الدوري العالمي للبيسبول (World Series)، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى تعليق المباحثات التجارية مع أوتاوا وإعلان تصعيد جمركي علني.

بدورها، أكدت الحكومة الكندية حرصها على مواصلة الحوار مع واشنطن، وأشارت إلى رغبتها في مواصلة البناء على التقدم المحرز في المفاوضات التجارية، بينما أعلنت في الوقت نفسه عن سعيها إلى تنويع علاقاتها التجارية والبحث عن شركاء جدد في آسيا ودول أخرى.

ويُذكر أن الولايات المتحدة كانت قد فرضت سابقًا رسوماً وصلت نسبتها إلى 35% على مجموعة من الواردات الكندية، مع رسوم قطاعية محددة مثل 50% على بعض المعادن و25% على السيارات، على الرغم من الإعفاءات الواردة في اتفاقيات تجارية قائمة.

وأوضح ترامب أن الزيادة الأخيرة في الرسوم «ستُضاف على ما تدفعه كندا الآن»، مشددًا على أن الرسوم يتحملها المستوردون في الولايات المتحدة، ما قد ينعكس على تكاليف الشركات الأمريكية والمستهلكين داخل السوق الأمريكية نفسها.

ودعا عدد من المسؤولين الكنديين إلى التهدئة والحوار، مؤكدين أن «التقدم يتحقق من خلال الانخراط المباشر مع الإدارة الأمريكية». كما أشار مسؤولون إلى أن كندا تعمل على تحركات اقتصادية متوازية عبر بناء شراكات تجارية مع دول أعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا وغيرها.

واستندت حملة أونتاريو إلى مقتطفات من خطاب ألقاه ريغان عام 1987 ينتقد الرسوم الجمركية، لكن مؤسسة رونالد ريغان انتقدت استخدام اللقطات واعتبرته اقتطاعًا مُضللاً من الخطاب الأصلي، لافتة إلى أن حكومة أونتاريو لم تطلب إذنًا مسبقًا لاستخدام المادة المرئية والصوتية.

واتخذت حكومة أونتاريو خطوات للتخفيف من حدة التوتر، إذ أعلن رئيس حكومة المقاطعة تعليق الحملة مؤقتًا «حتى تُستأنف المفاوضات»، مع السماح باستمرار عرض الإعلان خلال مباريات الـWorld Series، ما أغضب واشنطن وأعطى ذريعة لتصعيد ترامب.

وأبدت مؤسسات اقتصادية كندية وخبراء تجاريون قلقهم من انعكاسات هذه الإجراءات، محذرين من أن أي تصعيد جديد قد يزيد من كلفة الإنتاج ويضر بالقدرة التنافسية لأمريكا الشمالية ككل، لا سيما في قطاعات مثل صناعة السيارات التي تعتمد بقوة على سلاسل توريد عابرة للحدود بين الولايات المتحدة وكندا وأونتاريو.

أبعاد القرار ومخاطر التصعيد

ويعكس قرار ترامب بعدًا مزدوجًا: أولاً أداة ضغط اقتصادي وسياسي تُستخدم لفرض موقف تفاوضي أقوى، وثانيًا رسائل داخلية تستهدف إظهار موقف حازم تجاه الشركاء التجاريين عند مخاطبة قواعده الانتخابية. وسوقياً، قد تؤدي زيادة الرسوم إلى رفع تكاليف الشركات المستوردة داخل الولايات المتحدة، مما ينعكس على أسعار السلع للمستهلك الأمريكي نفسه، وبالتالي على قدرة الصناعات الأمريكية على المنافسة.

كما يحمل القرار مخاطر أوسع على العلاقة الاقتصادية داخل منطقة أمريكا الشمالية. فاعتماد كندا على السوق الأمريكية (حيث تذهب نسبة كبيرة من صادراتها) يجعلها قوية اقتصادياً ولكنها أيضًا عرضة للتقلبات السياسية في واشنطن. ومن منظور كندي، فإن تنويع الشراكات التجارية والاستثمار في سلاسل توريد بديلة يمثل رد فعل عقلانيًا يقلل من التعرض لصدمات مستقبلية.

أخيراً، قد يدفع هذا التصعيد كلا البلدين إلى العودة لطاولة التفاوض في محاولة لاحتواء الخسائر، لكن نجاح أي مساعٍ دبلوماسية سيعتمد على قدرة القادة على فصل الملفات الرمزية والإعلانية عن المفاوضات الفنية الجوهرية المتعلقة بالتجارة والرسوم، وإلا فقد نرى تداعيات تمتد إلى المستهلكين والاقتصادات المحلية في كلا الجانبين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى