بولتون: تصنيف البوليساريو “إرهابية” دعاية فاشلة… وترامب قد يغيّر موقفه من الصحراء إذا وُجد حافز شخصي

أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، أن محاولات تصنيف جبهة البوليساريو كـ”جماعة إرهابية” داخل الكونغرس الأمريكي لا تستند إلى أي أدلة موضوعية، واصفًا إياها بـ”الدعاية السياسية الفاشلة”.
وقال بولتون، في مقابلة نشرتها صحيفة إل إندبندينتي الإسبانية، إن حتى لو تم تمرير مشروع التصنيف في مجلس النواب، فإنه لن يصمد في مجلس الشيوخ، لأن “الادعاءات التي تربط البوليساريو بإيران وحزب الله وحماس كاذبة بالكامل”.
وأضاف: “هناك منظمات أمريكية غير حكومية، بعضها ذات طابع ديني، تنشط في مخيمات اللاجئين الصحراويين منذ سنوات طويلة، وتقدم خدمات صحية وتعليمية، ولم ترصد أي نفوذ إيراني أو جماعات متطرفة. لا يوجد ببساطة أي أساس لهذه المزاعم”.
وفي سياق متصل، اعتبر بولتون أن الموقف الأمريكي من قضية الصحراء الغربية انحرف عن مساره الصحيح خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي اعترف بسيادة المغرب على الإقليم في إطار صفقة سياسية مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ورأى بولتون أن هذا الاعتراف “لم يكن ضرورياً”، لأن المغرب كان سيتجه للتطبيع مع إسرائيل على كل حال. وقال: “استغل المغاربة جهل بعض مسؤولي البيت الأبيض بالملف، وقدموا لهم تنازلاً لم يكن عليهم تقديمه”.
ورجّح بولتون أن يعيد ترامب النظر في موقفه إذا عاد إلى البيت الأبيض ووجد مصلحة شخصية ملموسة في دعم الاستفتاء، مضيفاً: “إذا تصوّر أن باستطاعة شركة ترامب بناء منتجعات أو كازينوهات على ساحل الصحراء الغربية، فقد يغيّر موقفه”.
وفي حديثه عن جوهر النزاع، أكد بولتون أن الحل الوحيد والعادل يتمثل في تنظيم استفتاء تقرير مصير كما تنص عليه قرارات الأمم المتحدة منذ 1991، مشيرًا إلى أن المغرب وافق مراراً على إجراء الاستفتاء ثم تراجع عنه كل مرة.
وقال: “منذ اتفاق هيوستن سنة 1997، والمغرب يماطل في تنفيذ وعوده. لقد وافقوا على إجراء الاستفتاء، ثم انقلبوا عليه لأنهم يخشون خسارته. إنهم يدركون أن الصحراويين قد يصوتون لصالح الاستقلال، وهذا ما لا يريدونه”.
وانتقد بولتون أداء الأمم المتحدة، قائلاً: “المنظمة الدولية أصدرت قرارًا بسيطًا ومنطقيًا يوافق عليه الجميع، ثم انسحب أحد الأطراف وانتهى كل شيء. هذا يُظهر ضعف الأمم المتحدة”.
كما أشار إلى أن بعثة مينورسو، التي أنشأها مجلس الأمن سنة 1991 لمراقبة وقف إطلاق النار والتحضير للاستفتاء، لم تُنجز مهمتها بسبب العراقيل المغربية. واعتبر أن الرباط تصرفت بشكل معرقل منذ البداية، وأن حتى الشخصيات الدولية مثل جيمس بيكر فشلت في إقناع المغرب بالالتزام بقراراته.
وتحدث بولتون أيضًا عن الخلفيات الإقليمية للنزاع، مشيرًا إلى أن الصراع المغربي-الجزائري لا يمكن فصله عن ملف الصحراء الغربية، وقال: “إحدى الطرق لتقليل التوتر بين الجزائر والمغرب هي حل هذا النزاع، وتوضيح من يملك السيادة الفعلية، والثروات البحرية والمعدنية والسياحية للإقليم”.
وسرد موقفًا حصل سنة 1997 عندما زار مع جيمس بيكر أحد مكاتب الملك المغربي، ولاحظ خريطة معلقة على الحائط تُظهر “المغرب الكبير” يشمل الصحراء الغربية، ونصف الجزائر، وأجزاء من شمال موريتانيا، مشيرًا إلى أن هذه الخريطة تعكس طبيعة الطموح المغربي في المنطقة.
أما بشأن الموقف الإسباني، فقد قال بولتون إن الحكومة الحالية لا تؤدي دورها بشكل مفيد، مذكراً بأن إسبانيا كانت القوة الاستعمارية السابقة، وتتحمل مسؤولية تاريخية في تمكين الصحراويين من تقرير مصيرهم.
وختم بولتون تصريحه بالتأكيد على أن الصحراويين لا يزالون في مخيمات اللجوء منذ خمسين سنة، رغم تعهد المجتمع الدولي بتنظيم استفتاء في التسعينيات، وهو ما وصفه بأنه “مهزلة سياسية وإنسانية تستوجب تصحيح المسار”.
شرف الدين عبد النور
