إفتتاحية مجلة الجيش: الذاكرة الوطنية في صميم بناء الجزائر الجديدة المنتصرة

أحيت الجزائر الذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي 1945، التي يخلدها الشعب الجزائري في إطار اليوم الوطني للذاكرة، الذي أقره رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، سنة 2020، تخليداً لإحدى المحطات التاريخية الراسخة في نضال الأمة ضد الاستعمار.
وجاء في افتتاحية مجلة الجيش لشهر ماي 2025، تحت عنوان “ذاكرتنا الوطنية ركيزة بناء الجزائر المنتصرة”، أن هذه الذكرى “تعود لأذهاننا خلالها أهوال المجازر التي ارتكبها المستدمر الغاشم في حق شعبنا الأعزل، والتي لا يمكن أن يمحوها تعاقب السنين”، ووصفتها بـ”جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس”، مؤكدة أنها كانت تستهدف “إخماد صوت الحرية المتصاعد وإلغاء وجود أمة بأكملها”.
واعتبرت الافتتاحية أن هذه المجازر كانت الشرارة التي أوقدت الوعي الوطني لدى الجزائريين، وأدت إلى اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، والتي وصفتها بأنها “أعظم ثورة في القرن العشرين”، مشيرة إلى أن الشعب الجزائري خاض خلالها حرباً ضروساً دامت سبع سنوات ونصف، مكنته من تحقيق النصر بفضل “إرادته التي لا تلين، وعزيمته التي لا تقهر، وبسالته منقطعة النظير”.
وأكدت المجلة أن هذه الذكرى تُعد فرصة لكل جزائري لاستلهام العبر من تضحيات الأسلاف، والسير بخطى ثابتة على درب الحفاظ على الوطن ومكتسباته، والتمسك بالمبادئ الوطنية، والعمل على بناء “الجزائر الجديدة المنتصرة، المزدهرة، القوية والمنيعة، التي تسير في كنف الأمن والاستقرار نحو النهضة والرقي في مختلف المجالات”.
وشددت الافتتاحية على أن ما تحقق من إنجازات وطنية اليوم “لم يكن وليد الصدفة”، بل نتيجة “جهود مضنية، قوامها الإخلاص والصدق، ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار”، داعية إلى “استجماع الهمم وشحذ العزائم وتوحيد جهود كافة الجزائريين”.
وفي هذا السياق، نقلت المجلة مقتطفاً من رسالة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بمناسبة الذكرى الثمانين للمجازر، حيث أكد أن “الجزائر السيدة، الأبية والمنتصرة تبني صرح حاضرها، وتتطلع بالعزم والعمل إلى مزيد من التنمية المستدامة”، مشيراً إلى أن هذه الجهود “يسندها رصيد تاريخي باعث لفخر الشعب الجزائري المجبول على الشجاعة وإعلاء مبادئ الحق والحرية”.
وأضاف رئيس الجمهورية في رسالته أن الجزائر “لا تقبل إطلاقاً أن يكون ملف الذاكرة عرضة للتناسي والإنكار”، مؤكداً على “تمسكها بحق شعبها، واعتباراً لقداسة إرث المقاومة والكفاح، وارتباطاً بنهج نوفمبر ورسالة الشهداء الأبدية”.
وخلصت الافتتاحية إلى أن المسيرة الطويلة لكفاح الشعب الجزائري “لم تُتوَّج بالنصر إلا بفضل الوحدة والتماسك وتراص الصفوف”، مشيرة إلى أن الحفاظ على السيادة الوطنية مسؤولية مشتركة بين الشعب والجيش، وهو ما يتطلب تعزيز التلاحم الوطني والوعي بالمخاطر التي تحيط بالوطن، لا سيما في ظل الدعاية الهدامة التي تستهدف استقرار البلاد.
وفي هذا الإطار، نقلت افتتاحية المجلة تصريح الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، خلال زيارته الأخيرة إلى الناحية العسكرية الرابعة، حيث شدد على “ضرورة التصدي للاستخدام الخطير للدعاية الهدامة والمضللة”، في ظل “التطور الهائل لتكنولوجيات الاتصال ووسائل التواصل الاجتماعي”، مؤكداً أن الأخبار الكاذبة والتلاعب بالمعلومات أصبحت “أسلحة فتاكة تستخدم لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة”.
وأضاف الفريق أول شنقريحة أن “التصدي للحملات المغرضة التي تستهدف الإضرار بصورة الجزائر واجب على كل وطني غيور على وطنه”، موضحاً أن ذلك “لن يتأتى إلا من خلال التحلي بأعلى درجات الوعي واليقظة، والالتزام الوطني، والسهر على إحباط كافة هذه المخططات الدنيئة، التي تستهدف أمن واستقرار بلادنا ووحدتها الترابية والشعبية”.
واختتمت المجلة افتتاحيتها بالتأكيد على أن “مهما حيكت على بلادنا من مؤامرات ومكائد، فإن العهد الذي قطعه أبناء الجزائر بالسير على درب أسلافهم سيبقى إلى الأبد عقيدة راسخة”، مشددة على أن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، “يدرك تماماً عظمة مسؤوليته، ويؤديها بكل تفانٍ والتزام وإخلاص”، من خلال “مواصلة تطوير كافة مكوناته، والتمسك بمبادئ وثوابت ثورة نوفمبر المجيدة والقيم الوطنية النبيلة التي ضحى من أجلها أسلافنا الميامين”.
شرف الدين عبد النور
للاطلاع على المصدر الكامل على صفحة مجلة الجيش:
رابط النشر الرسمي على فيسبوك
