آخر الأخبار

إجابة وزير الاتصال على سؤال شفوي في مجلس الأمة توقظ “بؤساء النت”:  يفعل القطيع بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه

عادت الغوغاء من جديد لتعلق على إجابة وزير الاتصال، محمد مزيان، على سؤال عضو من مجلس الأمة، أثار فيه مسألة السطو على الموروث الحضاري والثقافي (الفني والغنائي) الجزائري من طرف دولة تتقاسم مع الجزائر الجيرة.

وكان من المنتظر أن يعقب الطرف الذي أصبح المصدر الرئيسي والأساسي لعمليات السطو الممنهجة والمنظمة على الموروث الثقافي الجزائري المادي واللامادي، بالنظر الى جدية إجابات السيد الوزير وصواب التفسيرات التي أعطاها حول عملية النصب هذه ومجهودات وسائل الاعلام الجزائرية لترقية هذا الموروث وتأصيل مصدره.

لكن، يبدو أن المشكل لا يطرح على هذا المستوى، مادامت هناك أصوات ناعقة، وللأسف مأجورة، تتحين أية فرصة لضرب كل المجهودات المبذولة لبناء جدار وطني يحمي البلاد من العمليات الهدامة التي ينتهجها أحد عملاء الصهيونية، والذي نتقاسم معه شريط حدودي يتجاوز طوله ال1700 كم.

ومن غير الممكن للعدو أن يحلم بمثل هذه الحملة المساندة لمسعاه والمشككة في سياسات المؤسسات الوطنية المعنية بحماية تراث الأمة وترقيته.

 ويتضح في هذه الحالة، التي أثارها “فقهاء الهراء”، الذين يجدون من وسائل التواصل الاجتماعي منصات لنشر جهلهم، أن مضمون المثل القائل بأنه: ” فيما مضى لم نكن نسمع أصوات الحمقى، لكن اليوم وبفضل الأنترنت فنراهم في كل مكان”، حقيقي، دقيق وصائب.

وإلا، كيف نفهم هذا التهجم غير المبرر على جملة اعتراضية، جاءت في تصريح لوزير الاتصال، محمد مزيان، في رده على سؤال شفوي لعضو في مجلس الأمة.

وكانت ردة فعل غوغاء الفايسبوك تشبه كثيرا المثل الشعبي الذي يقول: “عجوزة حكمت سارق”. فعندما تحدث الوزير، في ختام رده على السؤال الشفوي عن الأصل الجزائري لأكلة الكسكسي، فلقد استدل ببحوث علمية حديثة، وهو يعلم تماما أن طبق الكسكسي، قد تم تصنيفه من طرف اليونيسكو كتراث مشترك للبلدان المغاربية، بعد إيداع عدد من دول المنطقة ملفا مشتركا. ولقد استدل السيد الوزير في تصريحه هذا الى ما أكده المؤرخ الفرنسي، دينيس سيار، عندما قال أن الكسكسي جزائري معتمدا في ذلك على مراجع أثرية وتاريخية، تذكر بمملكة نوميديا المعروفة بصادراتها من الحبوب، التي تستخدم في صنع الكسكسي، حتى عرفت بأنها مخزن روما للحبوب.

وبالفعل، كانت هذه الصحافة تبحث، من خلال تعاملها الانتقائي مع إجابة الوزير، عن التفاعل و”الضجة” عبر الفضاء الأزرق أو الأنترانت، وهو ما كانت تسعى اليه وسائل الاعلام العدائية، التي لم تخف ألامها من الحجج التي تضمنها الجواب، والمستمدة من اليقظة الوطنية التي تشكلت بعد تصريح رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي قال فيه، كما خضنا معركة التحرير ضد الاستعمار، نخوض اليوم معركة أخرى ضد محاولات النيل من ذاكرتنا، وهي معركة ثقافية لا تقل خطورة”.

وسعت هذه الأصوات الناعقة، الى اثارة توقيت تصريح الوزير حول حماية الموروث الثقافي الوطني، لإيهام القراء أن ذلك تزامن مع إطلاق العدوان العسكري الصهيوني ضد إيران، بالرغم أنه تم 48 ساعة قبل هذا الحدث.

وهو ما يبرهن أن هذا التحامل على الوزير المقصود منه التقليل من أهمية حججه وحجبها عن القراء، وذلك عبر التركيز على اعتبارات هامشية.

وكان على هذا القطيع، المتأثر بما تكتبه الصحافة المهادنة للكيان المتورط في محاولة السطو على الموروث الثقافي الوطني، أن يقارن بين الموقف الرسمي الجزائري تجاه العدوان السافر ضد إيران وموقف الجار الذي يستضيف قواعد عسكرية للمعتدي أي الكيان الصهيوني، قاتل أطفال ونساء غزة.

ربما يجهل هؤلاء أن الوزير مجبر على الإجابة عن أي سؤال شفوي صادر من أعضاء مجلس الأمة، والسؤال يطرح نفسه في هذا السياق: كيف ستكون ردة فعل هاته الأصوات      الطنانة، لو لم يجب الوزير عن السؤال الشفوي لأي سبب كان؟ !

إن المحرك الأساسي في هذه الحملة القديمة والمتجددة، تكمن في مضمون إجابات وزير الاتصال، والتي أكد فيها دعم ومرافقة قطاعه لوسائل الاعلام الوطنية في تصديها لمحاولات تشويه ونهب الموروث الثقافي الوطني من طرف دوائر ضيقة معروفة بحقدها تجاه الجزائر.

وعلى غوغاء الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي أن يعلموا أن الجزائريين يعرفون تمام المعرفة مصدر هذه التأويلات الخاطئة والموجهة وهذا التحامل الرخيص. فالجزائريون يعلمون أن عمليات السطو على الموروث الثقافي المادي وللامادي الوطني، وحتى ذلك المشترك بين البلدان المغاربية، ليست وليدة اليوم. فلقد كانت هناك محاولة لتبني، ومن دون حق، أبوية فن الراي، وتمت بتجنيس أحد وجوه المعروفة لهذا الغناء الجزائري مائة بالمائة. ولقد توجت اليقظة المؤسساتية الرسمية بتسجيل فن الراي سنة 2022 باليونيسكو، وهو الامر الذي لا يزال يؤلم أولئك الذين لا زالوا يبحثون عن تاريخ لكيان صنعه الماريشال ليوطي. وللتذكير، فلقد كانت هناك محاولات يائسة للاستيلاء على “الزليج” الذي لا يزال يزين اثار القصور والمساجد الحمادية في منطقة الحضنة، على سبيل المثال لا الحصر، وكذلك “القفطان” القسنطيني و “الأبزيم” القبائلي…. والقائمة طويلة.

 “الجهل غسق؛ الشر كامن فيه. جيد أن تفكر في إنارة الشوارع، ولكن فكّر أيضًا، بل وفوق أي اعتبار، في تنوير العقول”، هذه المقولة التي تعود الى القرن التاسع عشر، تفي تماما بغرض توصيف هذا الرهط المنقاد كالقطيع لصناع الرأي الأجانب، الذين يستعملون الفضاء الأزرق سلاحا لحربهم المعرفية المسلطة ضد الجزائر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى